lundi 28 février 2011

شهادة سلّة مهملات قبل احراقها

قد يبدو العنوان غريبا او قد يكون استفزازيا او قد يعتبره آخرون مسخرة ولكنه فعلا يعبر عن محتوى ما ساكتب فانا ببساطة لم استنبط العنوان بل هي قصّة صارت ف عالم الاطفال وسأعيد كتابتها بلغتنا نحن لغة الكبار
كنت مساء السبت اشاهد مع ابني البث التجريبي لقناة سمسم للاطفال وانا تتقاسمني الافكار بين ماورد في نشرات الاخبار وما تركته ورائي في شارع الحبيب بورقيبة وما مرّ امامي في الطريق السريعة المرسى و كلمات علقت في ذهني في حوار تم عند الخضّار واذا بابني يسالني أمي ما معنى قمامة.
في البداية احسست ان السؤال آت من بعيد و كأنه نابع من ذاتي التي تعاني منذ فترة احساسا بأنّ الانسان أصبح يلفظ من الحكّام و المجتمع الدولي كالقمامة الا ان يده الصغيرة وهي تشدّ بقوة على كاحلي أعادتني الى الواقع وأجبته القمامة هي الأشياء الوسخة وأحيانا الأشياء التي لم تعد صالحة ولكن لماذا السؤال حبيبي فأجابني لان أصدقاء الطريق ينتضرون نظيفة عربة القمامة لتروي لهم حقيقة ما حدث فعلا في موضوع صراع سيارة البريد و سيارة المطافئ في الطريق منذ قليل.
إستغربت هذا الرد ونظرت الى التلفزيون فوجد إسعافيّ يقول انّ الجميع تعوّد أن لا يهتم بما يفعله او يقوله امام صندوق القمامة ولذلك فإنّ نظيفة هي التي تسمح لها الفرصة بالتنصّت على الاشياء بدون روتوش.
أضحكتني مقاربة التسمية بالأضداد فسلة المهملات اسمها نظيفة والشاهد على الحقائق هو القمامة ولكنني انتبهت اثر ذلك الى مقاربة صحيحة. فهي سلّة القمامة ولكنّها نظيفة لانها تحمل الاوساخ فتنظّف الشوارع وان اتسخت جوانبها فهي في اعماقها نظيفة وبالمقابل لان العموم لا يهتم لما تمثّل فهو لا شعوريا يكون مجردّا ان تحدث مجانبا لها.
وقررت أن أنزل لاختار سلّة قمامة وسط العاصمة لاتحدث معها.
وجدتها تتبسم فس صمت وكانها كانت بإنتظاري وقبل أن ابدئها بالسؤال سألتني : تريدين معرفة ما يحدث ماذا يقال امامي دون ان يلحظوا وجودي اليس كذلك
إستغربت بداية ثم قلت في نفسي وما يدعوني للاستغراب والكل بات يتكلم سياسة حتى الرضيع في المهد فأقله انها فعلا تستمع الى حديث الشارع .
نظرت إليها واشرت برأسي إنطلقي فكلي آذان صاغية:
 تململت قليلا فقد كانت أعماقها ممتلئة وقالت:
اعود بك الى 14 جانفي الى يوم رحل بن علي بعد يوم عصيب من الصياح وطلقات النار والمطاردات ويومها كثير من صديقاتي أحرقت ضحيّة هذه الأحداث وأريد ان الفت نظرك أن ما سارويه يعاد حرفيا من فترة إلى أخرى
من البداية كانت المشاكل تنطلق بمشادات لفظية وعنفية بين المعترضين وقوات الأمن وبعد حملات  الغاز والرصاص يعود الهدوء تدريجيا ولكن يعود حاملا معه وجوها أخرى من الاشخاص الذي يبدؤون بالتخريب والحرق والنهب والسرقة دون ان يتعرضوا فعليا الى تعنيف جسدي.
وما يثير استغرابي من حينها هي تصرّفات هؤلاء الاشخاص وإصرارهم على التدمير وعلى الخراب والمثير للانتباه أنهم يتلفظون بالفاظ نابية كثيرة ويتطاولون على الناس واول ما يحاول أحد انتهاج منهجهم حتى يفتحوا عليه النار.
كانت كثيرة التململ  تشعرك أنها تخفي حقائق لا تريد الافصاح عنها, ورغم مجهوداتي لاشعارها بالامان إلا انها كانت تشعرك في كلّ حين ومع كلّ معلومة.
لن أطيل الحديث كثيرا لانها في كلامها كانت تعيد أخبارا عرفناها جميعا وسمعناها في أكثر من مصدر ولكنّ الجديد في خطابها هو مقارباتها الاجتماعيّة فقد كانت تتوقف كثيرا لتشير الى التعنت والرغبة في العنف من كلّ من كانوا يمرّون بجانبها وكانت تتململ مستنكرة الحديث عن الديمقراطية مؤكدة على انّ كل الدين تعرّفت عليهم كانوا يتكلّمون بالانا ولم تسمع من تلفظ بالنحن.
كانت تروي حكايات أولئك الذين يتراشقون التهم وغيرهم الذين يصرّون على التذكير بما عاشوه من اضطهاد وكانه على الجميع ان يدفعوا هذا الثمن.
هي شهادة ضمن شهادات اخرى تروي الكثير عن قلّة الثقة بين افراد المجتمع والتراشق بالتهم والاصطياد في الماء العكر

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire